17 - 07 - 2024

ترنيمة عشق | إنْ هي إلا حياتهم الدّنيا.. والانتحار في الانتظار !!

ترنيمة عشق | إنْ هي إلا حياتهم الدّنيا.. والانتحار في الانتظار !!

لم يدرك الوالدان أن عام 1965 الذي أنجبا فيه طفليهما التوأمين سيدخل التّاريخ.. لكن تُراه من أي الأبواب دخل ؟! فالقصة تبدأ بفرحة أسرة صغيرة لا يعرف العالَم عنها شيئًا لتتحول في غضون سنوات قليلة إلى كارثة طالت البشرية من أقصاها لأدناها !!

هي قصة أسرة  "رايمر".. تلك العائلة الكندية التي رزقها الله بتوأمين من الذّكور: "بروس" و"برايان".. اللذين عانا من "التّبول اللا إرادي" بعُمر الثّمانية أشهر.. فانطلق الوالدان للطبيب الذي أعلن أنهما يعانيان من مرض "فايموسز" ولا بد من إجراء عملية "ختان" لهما.

بدأ الطّبيب بالطّفل "بروس" مستخدمًا آلة "الكَيّ" فاحترق عضوه الذّكري.. فلم يجرؤ على القيام بالعملية للتوأم الآخر صُدمت الأسرة واكتأبت وظلت شهورًا تبحث عن حل لابنها المنكوب.

بلغ الطّفلان اثنين وعشرين شهرًا؛ ساعة صادفتِ الأم على شاشة التّلفاز د."جون ماني" الحاصل على الدّكتوراه في "عِلم النّفس" من جامعة "هارفارد" والذي يعمل في مجال عَلم الجنس "سكسولوجي".. فذهبت الأم مُسرعة تلتمس حلًّا.. فتلقّف المجرم الرّضيعين ليُجري عليهما أبحاثه الجنسية الحقيرة وتجاربه الشّيطانية لإثبات نظريته عن "النّوع الاجتماعي".. طيلة عشر سنوات متواصلة حدَثت كوارث لم تخطر ببال الوالدين.

أعلن الطّبيب أنه لا حل غير تحويل "بروس" لأنثىٰ !! وقطْع جميع أعضائه التّناسلية الذّكورية وإلقائها في مكب النّفايات !! ثم شق عضو أنثويّ ليمارس الجنس !! وفي سِن البلوغ يتم حقنه بهرمونات أنثوية فيصير بذلك بنتًا وهكذا تُحل مشكلته !!

في ذات الوقت كانت "الحركات النّسوية" تعمل وتكافح لمناهضة العنف والتّمييز ضد "المرأة الأوروبية" التي تُعامَل كالحيوان أو كالعبد على أحسن تقدير ( تناولت ذلك في مقالي السّابق بعنوان: اللحم الرّخيص والصّناديق الدّافئة) لكن المجرم "جون" كان أكثر تطرفًا وشذوذًا.. فهو يناهض التّمييز ضد "النّوع الاجتماعي".

بمعنى أنه يرى أن "التّنشئة" أهم من "الطّبيعة".. أي أنّ الأعضاء التّناسلية والهرمونات الطّبيعية ليست مسؤولة عن تحديد نوع المولود؛ فالمولود يصير ذكرّا أو أنثىٰ حسب البيئة المحيطة وطريقة تنشئته !! فالهويّة الجنسيّة بيئيّة وتربويّة أكثر من كونها بيولوجيّة !! فالإنسان يُولد "مُحايدًا" ونحن الذين نُشكّله.. وأنّ الانجذاب الجنسي للآخر ليس بالطّبيعة بل بالتّعلم والتّدرّب !! وأنّ الأدوار التي تقوم بها الأنثىٰ أو الذّكر ليست استعدادًا فطريًّا بل حسب التّنشئة والتّوعية !!

استبدّ القلق بالوالدين؛ إذ كيف يَكُفّ الطّفل عن الشّعور - في قرارة نفسه - بأنه ذَكر ؟! فقاسمهما الشّيطان "جون" أنّه لمن النّاصحين.. استمرارًا لنصيحة جده "إبليس" الأكبر الذي توعد البشرية: "لآمرنهم فليغيرن خلق الله".

طِبقًا للنصيحة المُسداة.. أجرَوا للصغير عملية استئصال لأعضائه الذّكورية.. وفتحوا له فتحة أسفل البطن يتبول منها.. وألبسوه ملابس الأنثىٰ.. وأعطوه اسمًا أنثويا (براندا).. وبدأوا يعلمونه مَشية الأنثىٰ ومصادقة البنات، وأغرقوه بالدُّمى وعرائس "باربي" الشّهيرة.. وهكذا طفقوا يهيؤونه نفسيًّا وجنسيًّا.. انتظارًا لسِنِّ البلوغ حيث الفصل الثّاني من القصّة الدّامية.

صار "بروس" الذي تحول لـ "براندا" أول حالة يُجرى لها عملية  تحويل جنسى من ذَكر "صريح" إلى "أنثىٰ".. بمعنى أنه لم يكن لديه بجسده جهازان: ذكوريّ وأنثويّ كنوع من أنواع العيوب الخَلقية التي اعتدناها؛ والتي نُطلق عليها لفظة "خُنثىٰ"؛ فيقوم الأطباء بتحويله طبقًا للنوع الغالب على تكوينه وطبيعته.

ها هُم قد غيروا اسم "بروس" إلى اسم "برندا".. وأزالوا أعضاء الذّكورة للمسكين وعمره 22 شهرًا.. وفعلوا أفاعيلهم الوضيعة.

لكن الطّفل كلما ألبسوه ملابس الأنثىٰ يصرخ ويمزقها؛ ويرفض الدُّمىٰ وعرائس "باربي"؛ ويجري وراء الصّبيان يلعب بالشّاحنات والسّيارات ويتسلق الأشجار.. فتعلو صرخات الأم: يا إلهي.. إنّه يَعلم أنّه ولد".. ثم تصيح فيه قائلة: أنتِ بنتٌ مسترجلة".. هكذا نصحها الطّبيب السّافل.. وهكذا اعترفت في برنامج متلفز مع المذيعة الشّهيرة: "أوبرا وينفري" وهي تبكي نادمة.

نعود للطفل التّعيس الذي لم يعد يجد انسجامًا لا مع البنات ولا مع الأولاد.. في ذات الوقت كان "الطّبيب" يسجل أول قصة نجاح في تغيير النّوع "الجندر" في كتاب بعنوان: "رَجل وامرأة.. ولد وبنت" عام 1972؛ مُعلنًا أن "برندا" مُنسجمة مع أنوثتها الجديدة وقد بلغت السّابعة من عمرها.. دون أن يذكر اسمها الحقيقي على الملأ.

في المدرسة كانت المعاناة الجديدة؛ فالطّلاب يرونه مَسخًا: يلبس كالبنات.. وشَعره كالبنات.. لكن ملامحه وصوته ذكوريّ.. فأصبح منبوذًا اجتماعيًّا وتنمّروا عليه.

حال يريد استخدام "دورة المياه" لا البنات يَقبلن ولا الأولاد يرضون.. فيخرج كسيفًا يقضي حاجته في مواقف السّيارات بالشّارع !!

حاول وضع مساحيق تجميل الأنثىٰ.. لكن نَفسه عافتها.. فبات يعاني الوحدة والغربة لا يدري مَن يكون بالتّحديد.. لكنه يوقن أنه ليس بنتًا.. لكن مَن حوله يقولون: "لكنك لست ولدًا".. فاعتبر نفسه "شيئًا" كضمير "غير العاقل" في اللغة الإنجليزية" شجرة أو جمادا.. وربما حيوانا !!

ما زالت الأسرة تذهب للطبيب؛ فيطلب منهم إحضار التّوأم ألآخر "برايان".. لماذا يا دكتور ؟! ليدربهما على ممارسة الجنس معًا مذ عمر السّت سنوات لينموا نموًا سويًّا جنسيًّا وصحيًّا.. أحدهما بطبيعته بات أنثى والآخر كما هو ذَكر.. إذن فليفعلا ما يؤمران به من الطّبيب الشّيطان الذي لم يكن يقيم وزنًا لارتجاف الصّبيين ورفضهما.. لكنه كان يجبرهما ويلتقط لهما صورًا مخجلة.

الصّبي "بروس/ براندا" يصل لعمر الـ 13 فيُصاب باكتئابٍ شديدٍ.. فيعلن الطّبيب ساعتها أنه قد حان وقت إجراء عملية "شق مهبل" والحقن بالهرمونات ليصبح أنثىٰ متكاملة.. وهنا يرفض "بروس" بشدة.. ويهرب مهددًا بالانتحار.

بعدها بعام لم يحتمل الوالدان واعترفا لولدهما؛ وطلبا منه أن يسامحهما؛ فنزع "بروس" ملابس الأنثىٰ.. وقصّ شَعره.. وتناول الإبر الخاصّة بهرمون الذّكورة؛ وزرع عضوًا تناسليًّا واستأصل ثدييه.. وسمّى نَفسه "ديفيد".

حين وصل للثامنة والعشرين من عمره تزوج امرأة لديها 3 أطفال.. لكن بقيت الذّكريات تطعن التّوأمين وتصيبهما بالهلع حتى العام 2002.. فلم يستطيعا أن يعيشا بشكلٍ طبيعيٍّ؛ فانتحر "براين".. ليعيش "ديفيد" سنوات مُضنية مؤلمة وحيدًا.. فينطلق بسيارته ويطلق النّار على رأسه منتحرًا عام 2004 !!

فاحت رائحة د."جون ماني" الذي ادّعى أن تجاربه ناجحة وتم تكذيبه.. لكن " لوبي" المصالح والأجندات الخاصّة والآلة الإعلامية العالمية الجهنمية تلقفوا أكاذيبه؛ وخصّصوا لمفهوم "الجندر" فرعًا في عِلم "الاجتماع"؛ وأُلفت ألاف الأوراق البحثية.. ومُنحت ملايين الدّولارات لكل من أجرى رسائل دكتوراه على أبحاثه !!

وساعدت "الأمم المتحدة" و"منظمة الصّحة العالميّة" على ظهور مصطلحات "الجندر" في وثيقة السّكان عام 1994.. ثم وثيقة الصّين 1995.

كما تلقّفت "الحركات النّسوية" تلك التّجربة لتحارب الأدوار النّمطية للذكور والإناث؛ وتدشين العلاقات "المثلية" وفرضها على العالَم.

لم يُعاقَب "ماني" !! إنما بات أيقونةً علميةً؛ وتم تكريمه؛ وتُرجمت كتاباته؛ وأُعطي جوائز مالية ضخمة له ولمن ينشر أفكاره !!

مِن تعريفاته للجندر أو النّوع الاجتماعي أن الخَلق ليس الذّكر والأنثى فقط؛ بل ذَكر يميل لذكر، وذَكر يميل لأنثىٰ، وأنثىٰ تميل لذَكر، وأنثىٰ تميل لأنثىٰ، وذَكر يتحول لأنثىٰ، وأنثىٰ تتحول لذَكر.. وهكذا.. فالمقياس هنا يكون حسْب التّنشئة والمجتمع.

عام 2006 مات "ماني"؛ وبقيت أفكاره الخبيثة تطل برأسها وتشن المعارك المصيريّة للبشريّة من خلال إدخال تدريس "الجندر/ النّوع الاجتماعي" في المناهج الدراسية.. وطُبعت الكتب لتدريب "المعلمين" بالمدارس حول تلك المصطلحات.

هنا يعنّ لنا سؤال هام: لماذا تغزو تلك الأفكار مجتمعاتنا ونحن لا ناقة لنا فيها ولا جَمل.. تمامًا كالحركات النّسوية التي  تناولتها في مقالي السّابق ؟!

الجواب ببساطة: لأجل إلغاء النّوع أو تحييده وإلغاء الأدوار الطّبيعية والفطرية للذكر والأنثىٰ؛ إضافة للحركات النّسوية المؤيدة؛ والتي تلغي مفهوم القوامة والولاية وتُغير تشريع المواريث كما يريدها الدّين الإسلامي الحنيف.. أي هو ضرْبٌ بوضوح للعقيدة التي تقول: إنّا خلقناكم من ذَكر وأنثىٰ.

المفاجأة كانت كذلك من رائدة نسوية تعمل مُعلمة؛ اسمها "سيمون دي بوفوار".. تقول: بما أن البيئة تصنع التّفرقة وليس طبيعة المولود؛ فعلى المرأة أن تعمل في نفس أعمال الرَّجل؛ وأن تمارس ما تريده.. فكانت "سيمون" سُحاقية تمارس الجنس مع طالباتها.. ثم تبنّت بنتًا تعيش وتمارس معها.

وحينما اشتكى بعض أولياء الأمور تم فصلها من المدرسة.. فقادت حملة لعدم تجريم "الزّنا" بين البالغين ومن هم دون الـ 15 سنة طالما يتم بالتّراضي !!

وقد منحها "اللوبي اليهودي" جائزة "القدس للأدب" !! عام 1995 لأنها: تُعزز حرية الفرد وحقوق المرأة !!

إنه عصر "فضلات الأفكار".. حين يخترع الإنسان أفكارًا تهدم الإنسان ذاته.. بانحطاط القيم والشّذوذ والهوية الجندرية ومجتمع الميم والمثلية أو العابرين جنسيًّا والمزدوجي الجنسيّة والمتحولين.. وبمعنى أدق: اللوطيين والسّحاقيات.

عام 2012 وضعوا دليلًا لحقوق المثليين يوضح أنّهم: يولدون أحرارًا متساوين.. فلا فطرة ولا قيم دينيّة تحكمهم !!

يهربون من "فطرة الله" وينكرون وجوده؛ أو ليسوا هم مَن أعلنوا "موت الإله" ؟!

المدهش أنّ الإحصاءات أعلنت أن كل 68 ثانية يتعرض أمريكي أو أمريكية للاعتداء الجنسيّ !! كيف ؟! ألم يتنادوا فيما بينهم بحرية العلاقات الجنسيّة ؟!

تنبأ الدّكتور "عبد الوهاب المسيري" في تسعينيات القرن الماضي بما وصلت إليه البشريّة التّعسة الآن قائلًا:

"إنّها فلسفة الانعدامية التي تغيب عن الغرب؛ حيث لا غاية عندهم.. ولا أُخرىٰ تنتظرهم".

إذن إنْ هي إلا حياتهم الدّنيا.. ينغمسون في ممارسة الشّهوات وكل أنواع النّزق المادي والفكري: كالعُري والجنس والشّذوذ والإدمان بل والإلحاد وتجربة أية أفكار شاذة.. كل هذا تعبيرًا عن: "خوفهم وفقدانهم للمعنى الوجودي ورسالتهم".. فإذا ما استنفذوا كل المتع حولهم عانوا من الملل فيتجهون للانتحار وبأعداد متزايدة.. فلم يعد لديهم هدف يجعلهم متعلقين بالحياة؛ فالحياة عندهم لذة نفعية مضطربة ومعيشة استهلاكيّة مادية.. وهنا يصبح انحرافهم: مشروعًا اقتصاديًّا سياسيًّا غازيًّا للعالَم ليدمروه كما يدمرون أنفسهم.

وهنا تعلن العديد من إحصاءات العالَم الغربي كيف تزداد حالات الانتحار يومًا بعد آخر.. لشباب عاش حياة الإدمان والإلحاد والشّذوذ سواء أكانوا لوطيين أو سُحاقيات بعد أن اكتشفوا مستنقع النّجاسة الذي عاشوا فيه.. وبعضهم تحول برغبته من ذكر إلى أنثىٰ - والعكس بالعكس - بعمليات جراحية.. ليكتشف بعدها  الكارثة التي حلّت به وأنه ليس بقادر على معايشة شخصيته الجديدة وفي ذات الوقت لا يقدر على العودة لطبيعته الأولى !!
---------------------------------
بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | حتىٰ أنت يا بروتس ؟!